الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

الأنظمة

قبل يومين رحت للإتصالات السعودية بهدف: تغيير الشريحة بشريحة تدعم الجيل الثالث..

"وش بغيت يالحبيب؟" الموظف سائلاً! (الظاهر أني بسوق خضرة مو بشركة محترمة.. طيب ع الأقل سلم؟ أسال عن يومي.. اممم خلينا نحسن الظن ونقول إنه ممكن يبي يكون عملي وينجز عمله بسرعة ( p:


رديت: "والله ابي شريحة تدعم الجيل الثالث"

" الجوال باسم مين؟ "

" باسم الوالد وهذي بطاقة أحوالي.. تثبت أني ولده "

" والله يالحبيب.. آسفين .. لازم يحضر الوالد شخصياً أو ع الأقل تجيب بطاقة أحواله.. هذا هو النظام "


(( النظام!! الكلمة المُحببة لكل موظفي بلدة.. ما يفرق قطاع خاص أو حكومي.. النظام هي الكلمة الي يلجأ لها الكل.. المُضحك.. إن كثرة سماعك للكلمة هذي.. تظن إن البلد مُحكم بنظام صارم.. محترم من الجميع.. فتضطر إنك تقدره.. وما إنك تخرج من المكان حتى ترى إن النظام يوطاه كل شخص.. وإن الأصل هو كسر النظام!!))


(( الأنظمة الغبية!! وهذا موضوع أخر.. أحياناً تطلب منك حاجات مالها أي داعي.. مجرد تعقيد.. ما تحتاج تفكير.. أنا ما طلبت إلغاء رقم.. إلغاء خدمة.. أو إي حاجة فيها ضرر لصاحب الجوال الأصلي.. الشريحة الي معاي أبي بدل منها شريحة أخرى أكثر تطوراً.. لا فلوس مطلوبة ولا حاجة.. ليه التعقيد هذا؟ وإلا خلاص هي صارت حاجة أساسية.. تطلب أي خدمة بدون تفريق.. لازم نفس الشروط حتى لو ما كانت تحتاج الصلاحيات اللازمة !!

موقف أخر مع الأنظمة الغبية.. كلمت البنك الأهلي وأنا خارج السعودية أطلب رقم الآيبان بحيث أني أستطيع تحويل الفلوس لحسابي.. قال أخونا.. استخدم التلفون البنكي.. قلت والله ما فعلته.. قال أجل أسف ما أقدر أخدمك! .. هيه يبو الشباب.. وش ما أقدر أخدمك؟ أبي رقم الأيبان.. هذا طلب ما يحتاج صلاحية.. أنا ما أطلب تحويل مالي.. أو تغيير عنوان.. أو أي حاجة مضرة.. بالعكس صاحب الآيبان حتى لو ما كان أنا .. صاحب الحساب بيستفيد.. بتجيه فلوس.. :) لكن الكلمة الرنانة تقابلني من جديد"هذا هو النظام!!".. فقلت له: أنت ما تقدر.. ما عندك صلاحية.. عطني مديرك.. وأنت أطلع منها.. المهم قال لي: لحظات شوي.. ورجع لي.. وقال تفضل أخوي: هذا هو الرقم.. وهذا موضوع ثاني ينرفز!! يعني لازم نطلب المدير.. عشان تنحل مشاكلنا؟ لازم نعصب؟ لازم نصير غابة؟ يعني المحترم مكتوب له إنه ما يتسوى له شيء؟.. ما تلاحظون واجد المواضيع الي تنرفزني :\ ))


المهم نرجع لموضوعنا الأصلي... قبل ما أروح وأطق المشوار.. قلت خلينا نكلمهم ونتأكد من الأنظمة!! وقالوا: يكفي تجيب بطاقة أحواله.. أمنا بالله ورحنا.. وجلست أنتظر دوري.. ولما باقي رقم يجي موعد خدمتي.. دخل أحد الأخوان.. واتجه مباشرة لأحد الموظفين.. وسلم عليه.. كأن بينهم معرفة.. وقعده قريب منه.. ولما انتهى من خدمة العميل.. المفترض إنه يضغط الزر عشان يجي رقمي.. لكن هذا الأخ الي توه داخل.. راح وبدأ الموظف يخدمه! (( يبو الشباب.. هيه في بشر هنا تنتظر... !!! )) الصراحة فكرت: أني أروح للموظف وأقول له: أنا الحين أحس بغبنة لأنك قدمت الأخ علي.. فـ هل هو فعلاً مقدم علي؟ لأنك تعرفه؟ وإلا هو جاء من قبل وأنا فاهم غلط.. عشان ما نسيء الظن!! ولكن الفكرة بقت فكرة...


أخيراً.. وبكل ثقة تقدمت للموظف.. وعطيته كل المطلوب عشان أبدل الشريحة.. ولكن يأبى النظام إلا إنه يلقى له مخرج.. ويقول: "والله النظام يقول إن صاحب الجوال لازم يحضر شخصياً".. طيب يالحبيب قالوا لي بالتلفون إنه البطاقة تكفي.. ولكن بكل بساطة قال: "غلطان.. النظام لازم يحضر" (( وهذي مشكلة ثانية على فكرة.. إن النظام إلي كلن يتكلم عنه.. مو نظام واحد.. كل واحد عنده نظام على كيفه.. ع المزاج!!! " بديت أشرح له وقلت: يابن الحلال.. صعبة الوالد يجي.. يأخي أفرض إنه مسافر شهر.. انتظر؟ طيب أكلمه لك؟ مافي فائدة... النهاية المعتادة: "وين المدير؟"...


ويجيك المدير الي يطالعك من طرف خشمه.. كأنك تشحذ يا شيخ.. مو عميل عندهم.. وأشرح له الموقف.. قال: إيه لازم يحضر الوالد.. قلت ما يقدر.. وش الحل؟ بعد شد وجذب.. قال: "بأفزع لك عشان رمضان.. علشانك بس" (( لا يا شييخ.. بيمن علي بعد!! لازم تنذل.. مافي شيء يجيب برحابة صدر.. وبهدوء.. لازم تحس إن الشيء يجيك بطلعة الروح... ))


النقطة الجديرة بالملاحظة.. إن هذي """ شركة """ وأنا """ عميل """ يعني يفترض إنها تحاول تحافظ على عملائها بقدر الإمكان.. أنا أدفع مبلغ وقدره.. عشان أحصل على خدمة معينة.. لا تعليق.


يحتاج نتكلم عن الدوائر الحكومة؟ الي يعطونك خدمة لأنك مجرد مواطن تستحق الخدمة وما راح تدفع لهم شيء.. يعني باختصار ما تفرق معهم إنك جيت تأخذ الخدمة أو لا.. لأنه باختصار ما يفرق!!! ... أتوقع ما يحتاج :)

الرياض (فضفضة)

هذا القسم.. مجرد خواطر وفضفضة للمواقف تواجهني في حياتي اليومية.. نتيجة لعيشي في مدينة الرياض..

غالباً قد لا تكون منطقية.. أو عقلانية.. هي "مشاعر" أكتبها كما أشعر بأتجاهها منذ اللحظة الأولى...

فقط للبوح والمشاركة.. :) واخترت الكتابة باللغة العامية.. لتكون أقرب للواقع.. وأصدق في التعبير..


باختصار:

خذ وخل..

الاثنين، 26 يوليو 2010

Dead Poets Society


الإنسان ليس مجرد آلة عاملة لإعمار هذه الأرض.. فـ مع ضرورة العلوم البحتة، إلا إنه يحتاج إلى ما يخاطب قلبه الفياض بالمشاعر.. تلك العلوم الإنسانية التي لا يظهر أثرها بشكلٍ مباشر.. لأنها تخاطب الإنسان.. تخاطب فِكرهُ وحِسه المُرهف.. ليتناغم مع ألحانها ويتغير ويُغير.. كم جميلٌ هو هذا الفلم بإشاراته المتعددة.. لأحلامنا.. لـ دور أباؤنا.. لفضل مُعلمينا.. وللأثر الذي يبقى.. ليُثمر.. حتى عند الرحيل.. انتهى الفلم.. وأبقى أفكاراً ومشاعر لأداعبها فيما تبقي من يومي.. :) مشاهدة ممتعة لكم.

الأحد، 25 يوليو 2010

ظهر الله.. ومات الإيمان به

ماذا لو كان الله موجود؟ بحيث نستطيع أن نراه كما نرى الأشياء من حولنا، لـ تطمئن قلوبنا إن ما نعبده حقيقة لا مجال للشك فيها، لتنتهي جميع تلك الاختلافات حول هذه الذات التي اشغلت العقول والقلوب سنيناً.. برؤية ذلك اليقين حقيقة ظاهرة لا جدال فيها. ربما يبدو ذلك جواباً قاطعاً لكل الاختلافات، لنعلن برؤية الله إنه حقيقة ظاهرة غير قابلة للإنكار.. ولكن بإعلاننا ذلك.. سنضطرُ أن نُعلن أيضاً.. موت الإيمان به.

ما هو الإيمان؟ هل من الممكن أن نؤمن بحقيقة؟ ما رأيكم في من يقول إنه يؤمن بوجود برج إيفل في فرنسا؟ أو من يؤمن بأن 1 + 1 = 2 ؟ في الحقيقة إيمانه هذه لا معنى له، لأنه يؤمن بحقائق ثابتة.. والحقائق تُقبل لأنه لا مجال لوجود احتمال أخر.. بينما الإيمان يكون فيما لا نستطيع اتخاذ قرار قاطع تجاهُ.. لأنه أمرٌ غيبي قابل للاحتمالاتٍ متعددة.. وتفسيراتٍ مختلفة.

نحن نختار أن نؤمن بأمرٍ ما نظراً لملاحظتنا للأشياء من حولنا، نظراً لتساؤلنا حول الأحداث التي نعيشها.. فنستنبط القرائن والدلالات لـ نتيقن إن ذلك الأمر الغيبي هو حقيقة.. لا بواسطة استشعاره بجوارحنا.. وإنما باستشعاره بقلوبنا، بالوصول إليه بـ عقولنا. لذا كان الإيمان بالله هو "اختبار" تليه محاسبة.. لأنه اختيار نصل إليه بالتساؤل والبحث والإحساس.. تلك هي الحكمة التي أراها مما هو غيبي.. وذاك هو المعنى الذي أفهمه للإيمان.. حقيقةً.. لا أرى معنى لـ دُنيا أسئلتها.. أجوبتها قاطعة.. فـ ما المعنى لحياتنا حيئنذ؟

الثلاثاء، 20 يوليو 2010

سماء أكتوبر -- October Sky


*خواطر مبعثرة بعد مشاهدة الفلم.. يُفترض إنها لن تفسده لمن لم يشاهده بعد.. J

عندما يكون هناك إنجازٌ ما.. لن يصبح إنجازاً يُضاف إلى رصيدِ صاحبه وانتهى.. بل سيصبح (إلهاماً) لمن يُعايشه أو يقرأهُ مستقبلاً في صفحات التاريخ.. ليُعلن إن الإنسان قادر عندما يُريد.. ليصبح دافعاً لأن (نحلم) وإن نسعى حثيثاً إليه.. إلى أن نراه واقعاً.. ويصبح هو الأخر (إلهاماً) إضافياً للأخرين.. إنهم قادرين.. إنه لا مستحيل..

المجتمع الصغير ذو الأحلام المتواضعة، الاهتمامات البسيطة.. كم من الصعب أن تكون شخصاً (حالماً) هنا.. ما تحلم به يرونه غريباً مدعاة للسخرية.. أقرب الناس إليك.. يَستخفُ بك عندما تكون في أشد الحاجة إلى دعمه.. إلى إيمانه بك..

تبقى تلك الصحبة التي تشاركها حُلمك.. كم من الصعب أن تمضي وحيداً في الطريق.. نحتاج دوماً إلى من نمضي بجانبهم.. إلى من نشاركهم.. همومنا، أفراحنا، أحزاننا، وأحلامنا.. إلى أن أستند على كتفه عندما أتعثر.. إلى أن أساعده على النهوض عندما يسقط..

تظهر قُلة أخرى.. التي ربما لا تعرفها مسبقاً، أو كانت هوامش في رتم حياتك.. لتظهر هنا من حيث لا تتوقع.. لتشاركك الإيمان في حلمك.. ربما بـ كلمة.. أو تسهيلٍ لعقبةٍ.. أو دعمٍ لا مسبوق.. هولاء يظهرون، من حيث لا نعلم، ربما فقط تقديراً للشغف التي يتملكك كـ حالم ليصبحوا كـ الجسر إلى تلك السماء.. سماء أحلامك..

لكن، هل كل ما نؤمن به مقدرٌ لأن يصبح حقيقة؟ تتكاثر السقطات.. تظهر العقبات.. يتسلل اليأس إلى دواخلك.. وتبدأ شعلة الحلم تخبو.. لتقترب لأن تكون مجرد "حلم طفولة" وانتهى.. هو القرار في أن تخوض المعركة لتحقيق حلمك.. أم ترفع راية الاستسلام للدنيا.. وتمر بها متواضعاً ليتناساك التاريخ..

المفرح.. عندما نتخذ ذلك القرار ونخوض المعركة.. وننتصر.. سنعيش تلك اللذة.. لذة الإنجاز.. ونبتسم لذلك الحشد المُنبهر بما استطعنا تحقيقه.. المضحك.. إنه كان يضم كثيراً من سخروا منك في بداياتك.. عندما كنت تغمض عيناك.. وتحلم وتتحدث عن طموحاتك بصوتٍ مسموع.. ها هي تلك الأحاديث الحالمة.. قد أصبحت حقيقة الآن.. لتعلن إننا نستطيع.. فقط عندما نريد!

الاثنين، 21 يونيو 2010

مذكرات: رحلة (الجيت سكي)

بدأت الرحلة قريباً من أحد شواطئ مدينة "ميامي" ليستقل كلُ منا "الجيت سكي" الخاص به، وينطلق في بحار المحيط الأطلسي معلناً بداية الرحلة... كانت الرحلة تهدف إلى التعرف على "ميامي" من خلال البحر.. انطلق قائدنا، وانطلقنا من خلفه بأقصى سرعة.. متجهين إلى هدفنا.. كان الحماس على أشده.. والسرور يغمرنا.. كحال كثير من الأشياء التي نرغب بها بشدة.. لتلك الدرجة التي نصم بها الأذان عن كل رأي.. ونصوغ الفكر ليدعم الفكرة.. ونُقدم إليها بعجالة.. لنتفاجأ بعد حين.. إنه لم يكن كما توقعناه.. وإن ما رغبنا به يوماً بشدة.. ربما نريد فراقه برغبة أكبر.. ما أعجب الإنسان في انتقاله من حالٍ إلى حال.. سُبحانك يا من خلقته.

أقتربنا من جزيرة أُطلق عليها مسمى "جزيرة النجوم" نظراً لأن عدداً من المشاهير يعيشون هنا.. كان مرشدنا السياحي يلتف حول الجزيرة ونحن من خلفه وهو يقول: هذا هو منزل "لاعب التنس" المشهور (....) ، وذاك منزل "مغني الراب" (....) ، وذلك منزل "الممثلة" (....) .... كانت أسماء هؤلاء المشاهير تتكرر.. ويُشركها أمرٌ واحد.. وهي إنهم جميعاً من أصحاب مِهن "إمتاع الجماهير"، خلال مرورنا حول هذه المنازل.. تجاوزنا منزلاً لم يذكر لنا من صاحبه.. فاستوقفته سائلاً: ومن يكون صاحب هذا المنزل؟ فقال: هو منزل "طبيب" أو "محامي".. ولكنه ليس مشهوراً.. ولا أعرف من يكون.. هُنا أرجعتني الذكريات لشهر مضى.. لتلك السيدة العجوز " بِيتي" التي تقطن في شقة بسيطة ومتواضعة.. والتي ابهرتني بكمية المعلومات التي تملكها.. والموؤسسات الخيرية التي تساهم بها.. شتان بين أثرهما.. وشتان بين نصيبهما في الدنيا.. لا أدري من الُملام هنا.. ولكن بالتأكيد.. الجماهير هي من تقرر من يصبح شهيراً.. ليحظى يهذا النصيب.. هو قرارها التي ربما هو سنة كونية يُراد بها خيرٌ مجهول... الله أعلم !

قبل أن تنتهي محطتنا هنا.. كنت أتامل تلك المنازل البديعة.. بجمالها.. وحسن تشيدها.. لأسمع مرشدنا من خلفنا يستطرد قائلاً: غالباً هذه المنازل هي مجرد مصيف.. وكل شخص منهم ربما يكون يملك منزلين أو ثلاثة في مناطق مختلفة.. لتظهر لي صورة ذلك الرجل الذي أراه دوماً يفترش الطريق.. منزله زاوية الرصيف، ومضجعه بقايا "كرتون" لأحد الشركات المشهورة.. ربما وجده كقمامة تخلص منها صاحبها عندما أمتلك مضمونها وترك وعائها ليصبح قطعة مهمة لشخص لآخر.. ومن يتوقع؟ بجانبه تلك الحقيبة التي تحمل جميع ممتلكاته.. دوماً نخوض الدنيا لينقضي اليوم.. ونعود إلى مكان معروف.. إلى ملأجئنا.. إلى منزلنا.. كيف هي حالة ذلك الشخص.. الذي ينتهي يومه.. ولا يجد مكاناً يعود إليه.. لا يجد المنزل.. يحمل تلك الحقيبة.. وعندما ترهقه الدنيا.. يلقيها إينما التقت.. ويخلد بجانبها إلى النوم.. ليصبح هذا منزله لهذا اليوم.. ومن يعلم أين سيكون منزله غداً؟ ليقطع شرود ذهني صوت المحرك.. وأجد نفسي أمام منزل مغني الراب الشهير.. الذي يُعد الساحة الخلفية لتحتضن سهرة راقصة لهذه الليلة...

تجاوزنا الجزيرة.. كنا نسعى لنسير بسرعة فائقة لنصل إلى الهدف الذي يليه.. لكن يبدو إن البحر كان له رأي أخر.. كانت أمواج المحيط تعيق حركتنا.. ترفعنا حيناً.. وتزيحنا حيناً أخر.. فنضطر أن نخفف من سرعتنا قليلاً.. ولكن البحر يأبى إلا أن يزيد مشقة الطريق مشقة.. ليلقي بمياهه علينا لتبتل أجسادنا.. وتمتلئ أعيننا بأملاحه.. فتشوش رؤيتنا.. فنقف قليلاً لنستطيع الرؤية وإكمال الطريق.. يتشابه ما حدث.. بما نعيشه يوماً وراء يوم خلال سعينا في هذه الدنيا.. عقبات تحاول إيقافنا كأمواج البحر.. وأراء مختلفة.. وأحداث متنوعة.. تختلط فيما بينها ليضيع الحق.. وتتشوش أذهاننا.. كما شوش الملح رؤيتنا.. البحر لم يكن ليهدأ من أجلنا.. كان من الواجب أن نخوضه بوعورته ونتعلم كيف نتعاطي معه.. لنصل إلى هدفنا.. وهي الحياة تحتاج إلى أن نفهم سننها.. ونتعلم مهارات العيش بها.. لنحقق ما نرجوه..

كان شعور الهواء جميلاً.. وهو يداعب ملامحنا.. شعور إنك تمضي.. وتقدم .. وتتجاوز.. وتقترب.. هو شعور رائع بحق.. شعور الإنجاز.. رغم وعورة الطريق.. ومصاعبه.. إلا إنه دوماً هناك ما يزيدك عزماً على الإكمال.. تلك اللذة تجعلك تصرخ منفعلاً: نعم ، إنها تستحق العناء..

ظهرت مجموعة من الدلافين.. وبدأت تقفز أمامنا.. توقفنا وقوفاً كاملاً لرؤيتها.. كان منظراً بديعاً.. لم تكن من مخطط الرحلة ! ظهرت فجأة.. ولأجلها توقفنا.. كالملهيات التي توقفنا أو تجعلنا ننحرف قليلاً عن طريقنا.. ربما أحياناً نحن في حاجة لها.. وربما أحياناً نتبعها.. وننسى الهدف الأساسي الذي سعينا من أجله.. ولكننا عزمنا على توديعها.. رغم جمالها.. لكي نكمل مسيرتنا..

مررنا بعددٍ من المعالم الأخرى.. لم تحرك الخواطر كثيراً.. لنقترب من هدفنا.. معلنين نهاية الرحلة.. قبل الوصول كنت أتامل منظر البحر.. كان يبدو وكأنه لا نهاية له.. كان الأفق بعيداً.. كان المنظر يداعب النفس.. يستحثها للانطلاق.. لعدم التوقف.. للاكتشاف.. كم هي وثيقة حياتنا بالبحر.. نسعى ونخوضها.. ونرى دوماً أفقها بعيداً.. لن تتوقف الحياة.. وتعلن إننا وصلنا إلى نهاية الرحلة.. في الحقيقة دوما سنتبع الشفق.. في ذاك الأفق.. تلك الرحلة إلى هناك .. هي الحياة.. وإن انتهت تلك الرحلة.. فهذا يعني انتهاء الحياة..

ميامي، أمريكا

25 / مايو / 2010

الأربعاء، 9 يونيو 2010

يشيخُ الجسد.. وتبقى الروح..

في صباحٍ باكر.. كنت واقفاً عند إحدى إشارات المرور.. لتشد انتباهي تلك المرأة التي يبدو أنها تجاوزت الستين من عمرها.. كانت بداخل عربتها، تضع سماعة الأذنين.. وتتمايل طرباً مع ألحانٍ تنسالُ إلى دواخلها.. ابتسمت لهذا المشهد.. وتذكرت أحوال عدد من كبار السن الذين أثقلتهم الهموم.. ومضت الحياة وتناستهم.. في حُجرة ظلماء.. يُقبل إليهم الناس في حينٍ بقبلة باردة على الرأس.. وأحاديث لا معنى لها.. يملؤا جزءاً من هذا الفراغ.. ويتركوا الحيز الأكبر لتلك الروح الممتلئة بالذكريات لتتصارع مع بقايا الزمن.

لا أعلم لماذا نفقد "روح الحياة" مع مرور الزمن؟ هل هي تلك الأحداث المريرة.. والذكريات العديدة.. لمشهدٍ مؤسف رأيناه، أو قصة مؤلمة سمعناها.. أم هي ذكرى هؤلاء الأحباب الذين ذهبوا.. وتركونا أغراب مع هذا الجيل الجديد؟ بأفكاره المختلفة ، ونمط حياته المتسارع؟ أم هي شهرة ذهبت؟ ومنصب فُقد؟ وحياة صاخبة أصابها السكون.. ربما هي مجرد لحظات الانتظار القاتلة للموعد المحتوم؟

أينما وجدت الأسباب.. فهو في نهاية الأمر "قرار" للإنسان حق اختياره.. قرار الحياة.. يتطلب تحقيقه جهداً وتهيئة نفسية عالية.. إلى غاية سامية لا تنتهي.. تملأ حياته صخباً وروحاً وحياةً.. سنبقى صغاراً في حضن هذه الدنيا.. لا نتكابر عليها فنكبر لنموت.. لنتعلم من دروسها.. ونتراقص مع أمواجها.. لنعش في مراحلها.. بُمتعها.. وأحداثها.. وظروفها.. ومتى حانت اللحظة.. فنحن قد قدمنا ما يمكن تقديمه.. وعُشنا ما يمكن عيشه.. واستمتعنا فيما يمكن استمتاعه.. فقط لنتخذ ذلك القرار.. J

الأحد، 23 مايو 2010

المبتكرون.. رواد الحُرية

في هذه التدوينة لست بصدد الحديث عن الحرية كطالبٍ أو معارضِ لها، أو متحدثٍ عن مفهومها وضوابطها.. هذه التدوينة مجرد خاطرة عابرة ترى "الحرية" برؤية مختلفة.. بدأت بتسأول: هل سنصبح سعداء لأننا أحرار في فعل ما نشاء؟ هل نحن أحرار بشكلٍ مطلق؟.. كيف نطلق على إنسان.. إنه إنسان حُر في المقام الأول؟

أرى إن الإنسان الحُر هو الذي يملك الحرية الكاملة في اتخاذ خيار من عدة خيارات.. الحرية مرتبطة تماماً بالخيارات التي توفرها لنا الحياة.. بداية من الإعتقاد في أن يتخذ الإنسان له ديناً من الخيارات المتوفرة.. الإسلام، النصرانية،...،الإلحاد.. وانتهاءً بصغائر الحياة.. كأنماط الأزياء.. الإنسان في ارتداء زيه محصور في الخيارات –وإن كثرت- التي توفرها له مصانع الأزياء.

لذا أرى إننا دوماً "مقيدي"(1) الحرية في "الخيارات" المتوفرة لدينا.. والمطالبة بالحرية هي في الحقيقة مطالبة بأن يملك الإنسان "حق الاختيار الكامل" من هذه الخيارات المتوفرة. ولكن هل دوماً هذه الخيارات كافية؟ هل مجرد اختيارنا سيحقق لنا ما نرجوه من سعادةٍ وطموح؟ ربما قد تكون هذه الخيارات المتوفرة مرضية للبعض.. ولكن للبعض الآخر قد لا يجد ما يرجوه فيما توفر. ما الحل؟ ربما " التكيف" مع أحد الخيارات المتوفرة.. فالحياة لا يجب أن تكون دوماً سعيدة ومرضية؟ وربما الحل الآخر هو.. إضافة خيار أخر إلى هذه الحياة، هذه الإضافة هي في الحقيقة من توسع هامش الحرية درجة أخرى.

هؤلاء المبتكرون.. في شتى مجالاتهم.. الذين يضيفون دائماً خيارات جديدة إلى الحياة. هم من يستحقون فعلاً لقب: رُواد الحرية J

(1) هناك أمور عدة تقيد الحريات، هذه الخاطرة ليست معنية بمناقشة هذه القيود.

الأحد، 11 أبريل 2010

"التعايش" .. بين دعوات التغيير

من الأعلى.. نظرة إلى المجتمع.. هناك شيءٌ ما يحدث.. شعورٌ بأن هناك خطأ ما.. ولدَ ثورةً ونقداً تجاه الكثير مما ألفناه.. فالعقول بدأت تسأل.. والأرواح تبحث.. والجيل أُفعمٌ حماسةً للـ"تغيير".. فلم يعد مستغرباً أن نسمع أصواتاً تنادي بـ" نهضةٍ وتقدم" و "حريةٍ وحقوق".. تلك النداءات دوماً ما تهامس اليأس المحيط بأن هناك مستقبل مشرق ينتظرنا..

مراجعة الذات والسعي للإصلاح.. هو بالتأكيد أمرٌ إيجابي ومحمود.. لكن لا أعلم لماذا يخالجني ذلك الشعور المقلق.. بشأن اختلاف الرؤى حول تلك الدعوات.. فالعديد يدعو إلى مصطلح مشترك وهو "النهضة".. ومن المحتمل إن كل من هؤلاء يحمل مفهوماً مختلفاً عن "النهضة". وهذا هو الأمر الطبيعي.. فمن المستحيل أن يتفق الجميع على رؤية موحدة لدعوة ما..

ذلك القلق نتيجة للخوف من عدم حسن تعاملنا مع التعارضات أو الاختلافات بين تلك الدعوات.. فعندما يشعر الداعي للتغيير إن المجتمع لا يتجه "تماماً" نحو التغيير الذي يراه.. نتيجة لوجود دعوات أخرى تسعى للتغيير أيضاً برؤى قد تختلف.. ومن هنا قد ينتج "الصِدام".. الذي قد يصرف تلك الحماسة المشتعلة إلى نقض وهدم رؤى الآخرين بدلاً عن الاتجاه إلى البناء..

لذا يبدو لي إنه من الضروري أن يصاحب تلك الدعوات جانب قيمي.. ومن أهم تلك القيم.. قيمة "التعايش".. فمن المستحيل –برأيي- إن مستقبلنا سيُحصر برؤية واحدة وإنما سيكون عبارة عن مزيج كونته جميع تلك الرؤى التي يتبناها دعاة الإصلاح. فعندما نعي تلك الحقيقة.. كان من الواضح إنه يجب أن يكون هناك تعايشٌ بين تلك الدعوات.. فتتعاون فيما تجده هماً مشتركاً.. وتتحاور فيما وجدوه مختلفاً.. ومن الطبيعي أن لا يكون هناك اتفاق مجمل على جميع القضايا.. وعند هذه النقطة فليتجه كُلٌ إلى "البناء" فيما يراه هو الصواب.. ففي نهاية الأمر هذا البناء ستشترك فيه جميع الرؤى.. قد تطفو رؤية في جانب وتخبو أخرى في جانب أخر.. فالمجتمع نهايةً هو من يملك حق الاختيار..

هي دعوة إلى أن "نتعايش" وأن نحذر من أن تغمرنا هذه الدنيا بأمواج سنينها.. فنجد أنفسنا قد انحرفنا عن الهدف الأساسي الذي سعينا إليه.. وأن نعطي مساحة من "القبول" في حال إن ما تغير لم يكُ كما توقعناه "تماماً".. وعموماً فالساحة مفتوحاً دوماً ليثبت كلٌ رؤيتهُ التي يراها صواباً.. يثبتها بما يبنيه.. ويطرحه من رأيٍ وحجة.. J


* هذا المقال وليد لحوار مع الأخ الحبيب: حمدان الحمدان.. شكراً حمدان :)

الثلاثاء، 2 مارس 2010

رحلة تساؤل

نخرجُ من الأرحام.. من عالمنا الصغير المحدود بحدود أجسادنا.. لنستقبل عالمنا الجديد.. بدمعاتٍ من أعينٍ تكاد ترى.. إنها رهبةُ الموقف.. قلبنا الصغير يعلمُ يقيناً إلى أين هو يُقدم.. إنها بداية رحلة "السؤال".. الرحلة التي تزعزع الاستقرار.. وتشكك الإيمان.. نواجه فيها أعتى المقاتلين.. أنفسنا.. أفكارنا.. ونمطٌ اعتدنا عليه.. نعم.. لا نستحق أن نُلام بالبكاء هُنا.. لكنها رحلةٌ قاسية.. لابد من خوضها.

لماذا؟ إنها رحلة تقودنا إلى الإيمان.. إلى اكتشاف حقائق وجودنا.. إلى معرفة أنفسنا.. التي تجعل لنا سبباً للاستيقاظ في كل صباح ! الإيمان لا يُورث.. إنما يُكتشف.. ويُختار.. ويُعتنَق.. ليحدد لنا إلى أين نتجه؟.. ليهمس لنا بأن نُكمل المسير عندما نسقط.. لتحتضنا قبورنا يوماً ما ونحن نبتسم بداخلها.. لأننا فعلنا ما يجب علينا فعله ! لذا هي رحلة تتطلب أن نخوضها جميعاً.. ليكتشف كُلٌُ منا إيمانه الذي سيدفعه للاستيقاظ كل صباح.

ولكن.. هل ستنتهي هذه الرحلة يوماً ما؟ ونصل إلى الإيمان الذي سيعيد الاستقرار لتلك الأنفس المتسائلة؟ كم يداهمني اليأسُ أحياناً حينما لا أرى نهاية لتلك الرحلة.. ويزداد اضطرابي عندما التفت إلى الخلف.. لأرى ذلك الكم من الأمور التي آمنت بها.. ثم اهتزت وسقطت بسبب رؤى أخرى تنقضها.. اكتسبناها بازدياد تجاربنا.. معلوماتنا.. وأسئلتنا ! هُنا.. في هذا الموضع: يقتحمني السؤال المقلق: إذا كان ما آمنت به سابقاً قد اهتز وسقط.. فهل ما أؤمن به حالياً سيسقط ويهتز كم حل بسلفه؟ وهل ما سأؤمن به مستقبلاً سيواجه المصير ذاته؟ هه يبدو إنها دوامة لن تنتهي إلى يقين...

إذا كانت هذه الجدلية صحيحة.. فمتى يبدأ الإنسان سعيه المستمر المنبثق من إيمانه المستقر؟ أعلم إن السعي في البحث بحد ذاته أمر إيجابي.. ولكن أن يقضي الإنسان حياته فقط باحثاً ومتنقلاً من فكرة إلى فكرة..بلا إضافة واضحة للعالم الذي يعيش فيه.. لا يبدو لي ذلك إنه هو المنهج الصحيح.. خصوصاً وإن تجربة التاريخ قد أخبرتنا إن البشر مستمرون بالبحث والسؤال.. ولن توجد هناك نقطة يتفق البشر على إنها "نهاية الأسئلة".

ما الحل؟ أعتقد إن رؤية إن السعي لن يبدأ إلا بعد أن يستقر الإنسان على رؤية ثابتة.. هي نظرة غير واقعية لأنه –برأيي- من المستحيل الوصول إلى إيمان ثابت ( إلا إذا توقفنا عن اكتساب الخبرات الجديدة.. والآراء المختلفة).. يبدو لي إنه لابد من التكيف مع ما سأسميه بـ"الإيمان المتغير".. ولا يعني ذلك أن يتغير إن إيماننا بالأشياء سيتغير جذرياً.. وإنما هي رؤى تختلف.. ورؤى أخرى تنضج.. وغيرها نزداد إيماناً وتمسكاً بها.

من هذا المنطلق.. لنسعى في مشروعٍ يجسد ما نؤمن به.. وليتحسن ويتطور.. وفقاً لتغير إيماننا.. وربما قد يتبدل ! وما المانع؟ فما مضى من سعي.. هو من ساهم في أن نصل لما نؤمن حالياً.. وما سنسعى له.. هو الذي سيوصلنا لما نؤمن به مستقبلاً.. لنمضي قُدماً.. لا نتوقف.. لكي لا نفقد معنى الحياة.. وما الحياة إلا سعيٌ لأملٍ نؤمن به !